Human fraternity document article 3

احمد منصور عامر


تتمثل قيمة وثيقة الأخوَّة الإنسانية في أنها وضعت إطاراً لدستور عالمي جديد، يرسم خريطة طريق للبشـرية؛ حيث وصَفت الوثيقة واقع المجتمع الإنساني، وحددَّت أهم القضايا التي يعيشها، وذكرت سبل حلها. ودافعت عبر فقراتها عن حقوق المستضعفَين في الأرض، وناشدت قادة الدول والمنظمات الدولية وأهل الفكر والرأي، وكلَّ من يشارك في صناعة السياسة الدولية والاقتصاد العالمي، تحمُّل مسؤوليته التاريخية والأخلاقية في تحقيق أهدافها، وتم البدء في اتخاذ اجراءات نحو تفعيل هذه الوثيقة حتى لا تكون مجرد حبر على ورق عن طريق عقد المؤتمرات الدولية وتقديم الدعم للمنظمات ومؤسسات المجتمع المدني، على سبيل المثال مؤسسة شباب المتوسط للتنمية في مصر حيث أقامت المؤسسة مشروع ركز على نشر مقاصد وأهداف الوثيقة وبناء قدرات الشباب في مجالات الأخوة الانسانية والأمن والسلم المجتمعي، وذلك بدعم من مركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الأديان، والأزهر الشريف
ومرصد الأزهر لمكافحة التطرف، فضلاً عن الدور الذي قام به مستشار فضيلة الامام الاكبر المستشار محمد عبد السلام لكي ترى الوثيقة النور، ويقوم به لدعم مثل هذه الفاعليات.
وتتضاعف قيمة الوثيقة وأهميتها؛ لكونها صدرت بإسم أكبر الرموز الدينية في عالمنا؛ ممثلين بفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف وقداسة البابا فرانسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، وهو ما يجعلها تعبِّر عن آمال مليارات البشـر وطموحاتهم؛ ولذا يجب على المجتمع الدولي أن يتكاتف بهدف تنفيذ ما نادت به في سبيل إعلاء قيم التسامح في العالم لضمان مستقبل يملأه السلام للأجيال القادمة حيث ان الوثيقة عملت علي ترسيخ العديد من المبادئ منها ما يلي:
– أن التعاليم الصحيحة للأديان تدعو إلى التمسك بقيم السلام وإعلاء قيم التعارف المتبادل والأخوة الإنسانية والعيش المشترك
– أن الحرية حق لكل إنسان إعتقاداً وفكراً وتعبيراً وممارسة، وأن التعددية والاختلاف في الدين واللون والجنس والعرق واللغة حكمة لمشيئة إلهية، قد خلق الله البشر عليها، وجعلها أصلاً ثابتاً تتفرع عنه حقوق حرية الاعتقاد وحرية الاختلاف وتجريم إكراه الناس على دين بعينه أو ثقافة محددة، أو فرض أسلوب حضاري لا يقبله الآخر وضرورة ترسيخ الحوار والتفاهم ونشر ثقافة التسامح وقبول الآخر والتعايش بين الناس ، بما يساهم في احتواء كثير من المشكلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والبيئية التي تحاصر البشرية.
– الحوار بين المؤمنين يعني التلاقي في المساحة الهائلة للقيم الروحية والإنسانية والاجتماعية المشتركة، واستثمار ذلك في نشر الأخلاق والفضائل العليا التي تدعو إليها الأديان، وتجنب الجدل العقيم.
– أن حماية دور العبادة، من معابد وكنائس ومساجد، واجب تكفله كل الأديان والقيم الإنسانية والمواثيق والأعراف الدولية، وكل محاولة
للتعرض لدور العبادة، واستهدافها بالاعتداء أو التفجير أو التهديم، هي خروج صريح عن تعاليم الأديان، وانتهاك واضح للقوانين الدولية.
– أن الإرهاب البغيض الذي يهدد أمن الناس، سواء في الشرق أو الغرب، وفي الشمال والجنوب، ويلاحقهم بالفزع والرعب ، ليس نتاجاً للدين – حتى وإن رفع الإرهابيون لافتاته ولبسوا شاراته – بل هو نتيجة لتراكمات من الفهم الخاطئ لنصوص الأديان وسياسات الجوع والفقر والظلم والبطش والتعالي
– الاشارة إلى أن مفهوم المواطنة يقوم على المساواة في الواجبات والحقوق التي ينعم في ظلالها الجميع بالعدل، لذا يجب العمل على ترسيخ مفهوم المواطنة الكاملة في مجتمعاتنا وان العلاقة بين الشرق والغرب هي ضرورة قصوى لكليهما، لا يمكن الاستعاضة عنها أو تجاهلها، ليغتني كلاهما من الحضارة الأخرى عبر التبادل وحوار الثقافات.
– من الضروري الاعتراف بحق المرأة في التعليم والعمل وممارسة حقوقها السياسية، وكذلك وجوب العمل على تحريرها من الضغوط التاريخية والاجتماعية المنافية لكرامتها.
وفي الختام وجب الثناء على دور الوثيقة في تسليط الضوء على الاسرة باعتبارها نواة في سبيل تكوين الانسان وفكره حيث تم اغفال هذه النقطه في وثائق معاهدات تشاركت العديد من النقاط مع الوثيقة وأيضا التأكيد على مبدأ العدل القائم على الرحمة باعتباره السبيل الواجب اتباعه للوصول إلى حياة كريمة، يحق لكل إنسان أن يحيا في كنفه دون أي تمييز علي اساس العرق او الدين او الانتماء مثل ما يحدث في كل المعاهدات والوثائق الدولية مثل ميثاق الامم المتحدة الذي ميز بين الدول الأولى التي وقعت عليه.
أخيراً فإن مقاصد الوثيقة ستتحقق من خلال العمل على الإصلاحات الجوهرية اللازمة في مختلف المجالات؛ ما يوجب التحرك في مسارات مختلفة، دينية وسـياسـية واجتماعية واقتصادية؛ من أجل ترسـيخ قيم التسامح ونشـر ثقافة الحوار بين الشعوب بغية الوصول إلى حلول توافقية بشأن مختلف القضايا التي تواجه المجتمع الإنساني؛ ولهذا، وبعد أن عرضت الوثيقة كل القضايا الشائكة على الساحة الدولية،
اختتُمت بأنها تمثل دعوة إلى المصالحة والتآخي بين جميع المؤمنين بالأديان، بل بين المؤمنين وغير المؤمنين، وكل الأشخاص ذوي الإرادة الصالحة وهذا ما يجب أن تتخذه الجهات المعنية لمحاولة البدء في تحقيق هذه الاهداف.

احمد منصور عامر

AR